اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
وتتعدّد أسباب الإصابة بالسمنة، ولكن إذا استثنينا الأسباب البيئية والوراثية وبعض الأمراض المسببة لها، فمن يكون المسؤول عن سمنة الأطفال؟ وهل يتحمل الآباء مسؤولية بدانة أطفالهم؟
وجّهت العديد من البحوث العلمية أصابع الاتهام إلى الآباء، فالأطفال يكتسبون العادات الغذائية غير الصحية من بيئتهم، وفي هذا الصدد، كشفت دراسة أميركية، شملت أكثر من ۲۴ ألف طفل ونشرتها المجلة الطبية البريطانية في يوليو/تموز ۲۰۱۸، أن النمط الغذائي الصحي للأمهات يرتبط بانخفاض معدلات الإصابة بالسمنة لدى أطفالهن، وأن الأطفال لأمهات يتمتعن بمؤشر كتلة جسم طبيعي، كانوا أقلّ عرضة للإصابة بالسمنة بنسبة ۷۵% مقارنة بأطفال الأمهات اللائي اتبعن نمطًا غذائيًا غير صحي.
وهو ما أكدته دراسة أخرى أجراها مركز الأبحاث الصحية بجامعة كاليفورنيا في ۲۰۰۹، وتوصلت إلى دور الوالدين في إصابة أطفالهم بالسمنة، بعد أن اتضح للباحثين أن الأطفال يميلون إلى تناول ما يأكله الوالدان، ووجدت الدراسة أن المراهقين أكثر عرضة لتناول ما لا يقل عن ۵ حصص من الفاكهة والخضروات يوميًا كما يفعل آباؤهم، وعلى العكس من ذلك، فإن ۴۰% من المراهقين المنحدرين من والدين يفضلان الوجبات السريعة، أو يواظبان على المشروبات الغازية، فإنهم يتبعون السلوك نفسه.
وأشار المسح الصحي في إنجلترا لعام ۲۰۱۷، أن الأطفال الذين يعيشون مع والدين يتّسمان بالبدانة تزداد نسبة إصابتهم بالسمنة، بمعدل ۳ أضعاف الأطفال الذين يعيشون مع والدين يتمتعان بوزن طبيعي، وشمل المسح ۸۰۰۰ من البالغين و۲۰۰۰ طفل، وللمرة الأولى اعتُمد تحليل العلاقة بين وزن الوالدين والطفل، وإجراء مقارنات لأنماط حياة الأطفال مع والديهم.
وأظهر المسح أن نحو ۲۸% من أطفال الأمهات البدينات عانوا -كذلك- من زيادة الوزن، مقارنة مع ۸% من أطفال الأمهات اللاتي لا يعانين من زيادة الوزن، أما فيما يخص الآباء البدناء، فقد قدّر المسح أن نحو ۲۴% من أطفالهم قد أصبحوا من البدناء -أيضًا- مقارنة بنسبة ۹% فقط ممن يتمتع آباؤهم بوزن صحي، وحسب المسح فإن حوالي نصف الآباء اعتقدوا أن طفلهم البدين يتمتع بوزن صحي.
وفي ۲۰۱۲، أظهرت دراسة علمية نُشرت في الصحيفة الرسمية للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، أن الضغوط الأبوية المتعددة؛ مثل: المرض العقلي والوضع الوظيفي والضغوط المالية، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بخطر إصابة الطفل بالسمنة، وإقباله على الوجبات السريعة.
وينقل موقع “إندبندنت” عن نيك ميتشل، أحد أشهر مدربي اللياقة البدنية حول العالم، تعليقه بأن السمنة هي أسوأ بداية في حياة أي طفل، ويقول “إصابة طفلك بالسمنة ما هو إلا شكل من أشكال الإساءة الموجّهة نحو الأطفال، ولا يختلف عن السماح لطفلك بالتدخين أو تعاطي المخدرات، غير أنه في الحالة الثانية ستعرّض نفسك للمساءلة القانونية”.
ويقول المتخصص في أمراض الكبد، دكتور جوزيف غالاتي لموقع “هيلث أون لاين”، إنه يتفهم رغبة الوالدين في توفير الأفضل دائمًا لأطفالهم، ولكن كثيرًا من الآباء يصرّون على إطعام أطفالهم كميات كبيرة، ظنًا منهم أنه في كل مرة يبكي الطفل، فإنه بحاجة للطعام، أو يسمحون لأطفالهم بخيارات غذائية سيئة، كأن يسمحوا للطفل بتناول رقائق البطاطس لإبقائه هادئًا في المتجر، مع التساهل في تقديم الحلوى والوجبات الخفيفة معظم الوقت.
ووفقًا لغالاتي، فإن الطفل الذي يعاني من السمنة في الثانية من عمره تزيد فرصة إصابته بها عند البلوغ بنسبة ۵۰%، وبذلك يهيئ الآباء أطفالهم لحياة صعبة، من خلال مزيج من عادات الأكل السيئة، والقليل من النشاطات البدنية، التي تخلّف وراءها كثيرًا من الأمراض في سن مبكرة؛ مثل: السكر والضغط والكبد والقلب والسرطان.
وفي سبيل الحدّ من تفاقم وباء السمنة بين الأطفال، ثمة مجموعة من “الإستراتيجيات” التي يقدّمها الخبراء والمتخصصون، ويمكن أن يعتمدها الوالدان؛ ومنها:
المصدر : الجزیرة