اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
من المعاناة اليومية: أن تستيقظ صباحًا وتفكر أولًا: “أين سأجد مكانًا فيه إنترنت قوي لأقدّم اختباري؟” هذه ليست رفاهية بل واقع. كثير من الطلاب يضطرون للمشي ساعات طويلة في حرّ الصيف وبرد الشتاء بحثًا عن نقطة لشحن هواتفهم أو شبكة Wi-Fi ضعيفة لرفع واجب جامعي.
أما الكتب الجامعية فهي حلم آخر؛ أسعار الطباعة باهظة، والطلاب مجبرون على الدراسة من هواتف بالكاد تستطيع بطاريتها البقاء مشحونة. تخيّل أن تعتمد على شاشة صغيرة لمراجعة محاضراتك، بينما يملك غيرك مكتبات ومصادر مفتوحة.
ولا يمكن تجاهل حجم الضغط النفسي الذي يعيشه الطلاب. بين فقدان الأصدقاء، القلق من الغد، والشعور المستمر بعدم الأمان، يصبح التركيز على الدراسة معركة أخرى. ومع ذلك، تجدهم يحاولون، يبتسمون رغم التعب، ويتشبثون بأحلامهم.
أما معاناة الدراسة تحت الحرب والنزوح، فهي حرب بحد ذاتها. حين تسقط القذائف، لا يتوقف القلق على النجاة فقط، بل يمتد إلى مستقبل التعليم. هناك طلاب يقدّمون اختباراتهم وسط أصوات الانفجارات، وآخرون يحملون كتبهم في حقيبة صغيرة عند النزوح، ليجدوا أنفسهم بعد أيام يدرسون على أرض خيمة باردة. المقاعد تحولت إلى ركام، المكتبات إلى رماد، لكن الطالب يصرّ أن يبقى طالبًا حتى وهو يكتب ملاحظاته تحت ضوء شمعة.
رغم كل هذه المعاناة، يبقى الطلاب أكثر الفئات تمسكًا بالأمل. فالعلم بالنسبة لهم ليس خيارًا ثانويًا، بل السلاح الأقوى لمواجهة الظلم، والطريق الوحيد نحو مستقبل أفضل. هم يكتبون قصص صمود لا تُنسى: طالب يراجع دروسه على ضوء شمعة، طالبة تحل اختبارها وسط ضجيج الخيام، وأطفال يكتبون واجباتهم على أوراق ممزقة من بقايا دفاتر.
التعليم حق وليس رفاهية، والطلاب يستحقون أن يتعلموا في بيئة آمنة ومستقرة. لكن حتى في أقسى الظروف، يثبت طلابنا أنهم أقوى من كل العقبات. قد تُدمّر المدارس وتُغلق الجامعات، لكن لا يمكن لأحد أن يُطفئ نور المعرفة في قلوبهم.
قد يقرأ البعض هذه الكلمات كحكايات عابرة، لكنني أكتبها من قلب التجربة. ها أنا سَجى، مررت بكل هذه الصعاب: درست وسط أصوات القصف، كتبت واجباتي على ضوء شمعة، حملت كتبي بين خيام النزوح، وبحثت عن شبكة ضعيفة في شوارع مكتظة فقط لأرفع اختبارًا. ومع ذلك، لم أستسلم.
وها أنا اليوم أقف أمامكم، خريجة من جامعة الأقصى – كلية التربية، قسم اللغة العربية، بعد سنتين من الحرب والمعاناة. شهادتي هذه ليست ورقة، بل قصة صمود وإصرار، وأمل بأن العلم أقوى من كل سلاح.
بنفسج