عادات وتقاليد رمضان في الدول العربية

رمضان، الشهر المبارك الذي يجمع المسلمين في أنحاء العالم، رمضان في الدول العربية يُحتفى به بطرق متنوعة تعكس عادات وتقاليد كل بلد. تتباين مظاهر الاحتفال بين الدول العربية، حيث يحمل كل بلد طابعًا خاصًا يعبر عن فرحة قدوم شهر الصيام والرحمة.

۱- رمضان في السعودية

رمضان في السعودية لا يقتصر فقط على الصيام والعبادات، بل يشمل أيضاً العلاقات الاجتماعية والتواصل الأسري.

الإفطار والسحور

موائد الإفطار في السعودية تحظى بتنوع لا يُضاهى، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء لتناول الطعام بعد يوم طويل من الصيام. ومن الأطباق المميزة التي تُعد على مأدبة الإفطار:

  • القهوة السعودية: تعد القهوة على مائدة الإفطار من أساسيات الترحيب بالضيوف، حيث تُحضر من البن والزعفران والهيل.
  • التمور: لا تخلو مائدة إفطار من التمور، التي تُعتبر سنة عن الرسول الكريم في إفطار الصائم.
  • المفطح: يتم تحضيره من الأرز واللحم، ويعيش تجربة مميزة مع العائلات و کذلک تُعد الكبسة والجريش من أشهر الأطباق.

الأنشطة الثقافية والاجتماعية

يتسم رمضان في السعودية بجو من التآزر والتعاون، حيث يكثر الناس من الأعمال الخيرية وتوزيع الطعام على المحتاجين:

خيام إفطار الصائمين: تُقام خيام قرب المساجد لتوفير الإفطار للعمال والناس من جميع الأعمار.

الألعاب الشعبية: يقام العديد من الأنشطة الترفيهية، بما في ذلك لعبة “المصاقيل” المعروفة بالبرجون.

الأجواء والاحتفالات

تضفي ليالي رمضان جواً من البهجة، حيث يتم تزيين البيوت والشوارع بالأضواء. يُحرص الناس على زيارة الأهل والأصدقاء، مما يزيد من العلاقات الأسرية والاجتماعية.

۲- رمضان في مصر

تعتبر مصر واحدة من الدول التي تحتفل بشهر رمضان بأجواء رائعة وعادات تتنوع عبر العصور. يمتزج فيها التعبد والروحانية مع البهجة والاحتفالات الجماهيرية. يُعرف شهر رمضان في مصر بعزائم الإفطار والتواصل الاجتماعي، ويمثل فرصة للجميع لتجديد الروابط الأسرية والاجتماعية.

مدفع الإفطار

من أبرز معالم شهر رمضان في مصر هو مدفع الإفطار، الذي يُعتبر إشارة لموعد الإفطار بعد يوم طويل من الصيام. تم ربط هذه العادة تاريخيًا بلحظة فارقة، حيث يُعتقد أن المدفع أُدخل بعد أحداث تاريخية مثيرة.

المسحراتي

لا يمكن الحديث عن رمضان في مصر دون ذكر “المسحراتي”، الذي يقوم بإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور. هذا التقليد يعود إلى عصور طويلة، حيث يتجول المسحراتي في الأحياء، يحمل طبلته ويغني للناس. يُعتبر المسحراتي رمزًا جميلًا في الحياة الرمضانية، ويوفر شعورًا بالترابط بين الجيران.

العزائم والموائد

تتميز موائد الإفطار في مصر بتنوعها، حيث تجتمع الأسر والأصدقاء لتناول الأطباق التقليدية مثل:

  • الكشري: من الأطباق الشعبية المشهورة.
  • المحشي: ورق العنب المحشو بالأرز.

كذلك، تُقام موائد الرحمن، وهي مائدة مفتوحة للجميع، تُقدم فيها الأطعمة مجانًا للجميع، مما يعكس روح الكرم والمشاركة.

۳- رمضان في الإمارات

شهر رمضان في دولة الإمارات العربية المتحدة هو وقت مليء بالروحانية والاحتفالات التقليدية. يبدأ الشهر الكريم بفعاليات وممارسات مثيرة، حيث يحتفظ المجتمع الإماراتي بعاداته وتراثه في هذا الشهر المبارك.

حق الليلة

قبل بداية رمضان، يحتفل الأطفال في الإمارات بليلة النصف من شعبان، المعروف أيضًا بـ”حق الليلة”. في هذه المناسبة، يرتدي الأطفال ملابس تقليدية جميلة ويتجولون في الأحياء الغناء الأهازيج والأناشيد. يتم استقبالهم بالأطعمة والحلويات، مما يضفي جوًا احتفاليًا ومبهجًا. يشعر هؤلاء الأطفال بالسعادة وهم يجمعون حلوى ومكسرات في حقائبهم المطرزة.

الإفطار والسحور

خلال شهر رمضان، تنعقد الأسر في منازل الجد لتناول الإفطار معًا. يبدأ الصائمون إفطارهم بتناول التمر وشرب الماء واللبن، على سنة النبي محمد صلى الله عليه و آله وسلم. تضم المائدة الإماراتية أطباق مميزة منها:

  • الهريس: طبق تقليدي يتكون من حبوب القمح مع اللحم.
  • الثريد: يتكون من قطع الخبز المغموسة بمرق اللحم.

يتميز المطبخ الإماراتي بتقديم الحلويات الشهية مثل “اللقيمات” و”العصيدة” بعد الإفطار، مما يعكس كرم الضيافة الذي يُعرف به الشعب الإماراتي.

مدفع الإفطار

من أبرز التقاليد الرمضانية في الإمارات هو مدفع الإفطار، الذي يعلن عن وقت الإفطار يوميًا. يطلق المدفع من مواقع مختلفة، ويمكن سماع دويّه في محيط واسع. لقد بدأت هذه العادة منذ القرن التاسع عشر. يشتهر الأطفال بهذا التقليد، حيث يثير صوت المدفع شعورًا من الإثارة والفرحة لديهم.

فعاليات ثقافية وترفيهية

تحتضن الإمارات العديد من الفعاليات الثقافية والترفيهية خلال شهر رمضان، حيث تُضيء الأضواء في الأماكن العامة وتقام الأنشطة المجتمعية. تعكس الاحتفالات روح المحبة والتقارب، مما يجعل رمضان في الإمارات تجربة فريدة تجمع بين العبادات والاحتفالات العائلية.

۴- رمضان في العراق

شهر رمضان في العراق يحمل طابعًا خاصًا من الفرح والترابط الاجتماعي. يعود هذا الشهر الكريم بذكريات عميقة وعادات متأصلة في المجتمع، حيث يتسابق الناس لإحياء التقاليد التي تناقلها الأجداد على مر السنين.

تبادل الأطباق

من أبرز العادات الرمضانية في العراق هي تبادل الأطباق بين الأسر والأقارب. عند حلول المغرب، تكتظ موائد الإفطار بأصناف متنوعة من الأكلات اللذيذة. يحرص العراقيون على إرسال أطباق متنوعة من طعامهم إلى جيرانهم، ما يعكس روح التعاون والمودة بينهم. هذه العادة لا تقتصر فقط على البيوت، بل تمتد إلى المساجد حيث يشارك المصلون الإفطار مع بعضهم.

زيارة الأهل والأقارب

تعتبر زيارة الأهل والأصدقاء جزءًا لا يتجزأ من الأجواء الرمضانية. بعد الإفطار، يجتمع الناس في بيوت بعضهم البعض لتناول الشاي والحلويات، وتبادل الأحاديث. وكما يُقال: “لا تكتمل فرحة رمضان دون لقاء الأهل”. هذه الزيارات تعزز العلاقات وتقوي أواصر القربى، مما يجعل أيام الشهر الفضيل مليئة بالحب والحنان.

الإفطار المميز

يشتهر المطبخ العراقي بتنوع أطباقه، حيث تؤكد العائلات على تقديم وجبات شهية مثل:

  • سمك المسكوف: يعد هذا الطبق من الأطباق المميزة، حيث يتم شوي السمك بطريقة تقليدية تعكس ثراء المطبخ العراقي.
  • الدولمة: تُحشى الخضروات بالأرز واللحم، وتعتبر من الأطباق المفضلة على موائد الإفطار.
  • الكباب: من الأطباق التي لا يمكن أن تخلو منها الولائم، حيث يُشوى على الفحم ليحتفظ بنكهته المميزة.

الفعاليات الثقافية

تتميز ليالي رمضان في العراق أيضًا بالألعاب الشعبية مثل لعبة المحيبس، حيث يتنافس الأطفال في اكتشاف الخاتم المخفي بطريقة مشوقة. هذه الألعاب تعيد الأجواء الودية للعائلات، وتخلق لحظات من الفرح والمرح.

۵- رمضان في سوريا

شهر رمضان في سوريا يحمل معه عبق التاريخ وجمال التقاليد العريقة، حيث يواكب هذا الشهر الكريم أصوات الباعة في الأسواق وعبق المأكولات التقليدية، مما يضفي بهجة خاصة رغم الأوضاع الصعبة التي مرت بها البلاد.

الفطار والسحور

تتمثل لحظة الإفطار في لحظة سحرية، إذ يجتمع الأهل والأصدقاء حول المائدة ليشاركوا الطعام. من أبرز الأكلات الرمضانية المعروك، الذي يُعتبر “خبز رمضان”، حيث يتكون من العجين المخمر ويُخبز في الأفران. بالإضافة إلى أطباق مثل الفتوش والتبولة، تختلف أنواع الأطباق من منطقة لأخرى، ولكن يبقى الكبة حاضرة بصورة دائمة.

تبادل الأطباق

عادت وتقاليد رمضان تشمل عادة تبادل الأطباق بين الجيران، حيث يحرص السوريون على إرسال الأطباق المختلفة لبعضهم البعض. إنها طريقة لطيفة لتعزيز العلاقات الأسرية والجوارية، حيث يُعتبر تناول الطعام معًا من أبرز مظاهر السعادة خلال هذا الشهر.

الألعاب الشعبية

تعد ألعاب المحيبس من التقاليد المتعارف عليها خلال شهر رمضان، وتهدف إلى تعزيز الروابط الاجتماعية بين الأصدقاء والعائلة. يشهد المسحراتي أيضًا عودة إلى الشوارع، حيث يُوقظ الصائمين للصلاة والسحور وينادي بعبارات مميزة.

۶- رمضان في لبنان

تستقبل المدن والقرى اللبنانية شهر رمضان بتزيين المساجد والشوارع بالأنوار والشرائط الملونة. ويُقبل الناس في أول أيام رمضان عل تحضير طعام يحتوي على اللبن، أملاً أن تكون أيامهم بيضاء كبياضه، أما الأطعمة الأخرى الأساسية في وجبة الإفطار التقليدية فمثل المائدة السورية؛ من المحشيات بالأرز واللحم مثل ورق العنب وشيخ المحشي والشيش برك (لبن أمه) والكبب واللحم بعجين. وفي محلات بيع الحلوى المشهورة بالأسواق اللبنانية لا يستطيع أحد الحصول على كمية من الحلوى بالقشطة إلا بناء على طلب مسبق مقدم قبل يوم أو أكثر.

وأما تمضية الوقت خلال النهار، فبعد انتهاء العمل بين الظهر والعصر بالنسبة لغالبية الناس يستمع العديد من الناس إلى الدروس الدينية عن فضائل رمضان في الجوامع بعد صلاة العصر، والقسم الآخر يذهب إلى السوق لشراء الحاجيات من مأكل أو أشربة جاهزة

۷- رمضان في تونس

يبدأ التونسيون بالاستعداد لـ”سيدي رمضان” مثلما درجوا على تسميته، حبا وتفضيلا من بين شهور السنة، فتزيد حركة الشوارع والأسواق والمحلات، ويشرع الكثيرون في شراء المستلزمات الغذائية من التوابل والدقلة (التمر التونسي) والشعير وغيرها من لوازم المطبخ في رمضان.

تشتري النساء الجديد من الصحون والأواني لاستعمالها في الشهر الكريم، وتنظف ربات البيوت منازلهن كأنهن يتجهزن لعرس أو ضيف عزيز، ويخرج “بوطبيلة” الذي يجوب الشوارع ليلا بطبلته ينادي للسحور.

أما عن موائد رمضان في تونس، فلا يغيب عنها يوميا التمر بالزبد وحساء الفريك (الشعير) والسلطة والبُريك (وهي أكلة تونسية تشبه السمبوسك محشوة بمكونات خاصة) إلى جانب الطبق الرئيسي، وأطباق أخرى تختلف باختلاف الجهات التونسية وعاداتها، سواء في الإفطار أو السحور.

وفي الأحياء الشعبية خاصة، يبدأ الأطفال منذ اليوم الأول بالتنافس في صنع الكرديانة، وهي نوع من الحلويات مصنوعة من بياض البيض والسكر، ويمضي الأطفال في صنعها وخلطها حتى تكبر وترتفع فترة ما بعد الظهيرة إلى أذان المغرب.

فاطمةسرخ حصاري