فجوة بين ما توفره التكنولوجيا الحديثة وآليات التلقين التقليدية في المدرسة التونسية

تعيش المدرسة التونسية العمومية اليوم فجوة بين ما توفره التكنولوجيات الحديثة من فرص للتعلم وآليات التدريس المستخدمة التي لم تخرج عن كونها آليات تلقين تقليدية جعلت من المدرسة غير جاذبة للتلميذ، وفق عدد من المختصين في الشأن التربوي.

وأفاد أستاذ علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس عبدالستار السحباني بأن المربي لم يستطع تطويع التكنولوجيا وتوظيفها في العملية التربوية لمحدودية البنية التحتية الرقمية المتوفرة وقلة الموارد والإمكانات.

واعتبر، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن المدرسة التونسية بقيت خارج معالم الزمن المعولم بسبب تأخر المناهج المعتمدة في التدريس وكذلك وسائل وآليات التعلم.

وذهب السحباني إلى أكثر من ذلك حيث شدد على أن المدرسة التونسية تعيش أساسا في تخلف عن الثورة المعلوماتية مشيرا إلى “أنها لم تعد تستجيب منذ ۳ عقود لمتطلبات المرحلة، فهي لا تزال تستخدم وسائل وإمكانات سبعينات القرن الماضي”.

خبراء يرون أن المدرس في تونس يفتقر إلى تكوين يمكنه من التدرب على وسائل التعليم الحديثة

ولاحظت رئيسة الجمعية التونسية لتكنولوجيا التربية الحديثة ياسمين الصكلي أن رغم البون الشاسع بين الطرق البيداغوجية في المدرسة العمومية والثورة التكنولوجية، فإن بعض المدرسين يصرون على الاعتماد على الأساليب التقليدية في التدريس.

وقالت الصكلي “إن المدرس في تونس يفتقر إلى تكوين يمكنه من التدرب على وسائل التعليم الحديثة”، مشيرة إلى أن “أغلب المسارات التكوينية التي توفرها وزارة التربية هي بالأساس بيداغوجية”.

وذكّرت بالجهود التي تبذلها الجمعية لتوفير تكوين يتلاءم مع حاجيات المدرسية، مشيرة إلى أن الجمعية تولت منذ سنة ۲۰۱۵ تكوين أكثر من ۱۰ آلاف مدرس من تونس وخارجها على استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة.

وبيّنت وجود رغبة لدى عدد هام من المدرسين في تحسين معارفهم التكنولوجية واستخدام أحدث الآليات التكنولوجية خاصة منها استخدام الذكاء الاصطناعي في تقديم دروس تفاعلية.

واعتبرت أنه من الضروري اليوم توظيف التكنولوجيا ومنها الذكاء الاصطناعي في تقديم محتوى جاذب للتلميذ وتقديم إستراتيجية تدريبية في التكنولوجيا.

وقال الخبير والباحث في الشأن التربوي خالد الشابي “لا بد للساسة التربويين اتخاذ قرار استخدام التعليم الرقمي في كل الجهات بشكل عادل والاستعداد العلمي واللوجستي اللازم ومن الممكن تنفيذ هذه الإستراتيجية في غضون ۵ سنوات”.

وأوضح، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن الاستعداد العلمي واللوجستي يشتمل على تحسين وتوسيع البنية التحتية الرقمية وتكوين المدرسين للتعامل الناجع والعلمي مع المقاربات التكنولوجية الجديدة.

ولفت إلى أنه سبق لوزارة التربية القيام بتجربة في توفير التقنيات والآليات التعليمية الحديثة منها السبورة التفاعلية في المدارس النموذجية ومختبرات اللغات الذكية لكل الجهات واللوحات الإلكترونية إلا أنها لم تستمر في هذه التجربة.

واعتبر أن آليات التعليم الرقمي لا يجب أن تنفذّ بآليات التعليم التقليدي، لافتا إلى أن المدرسة العمومية هي تقليدية بالأساس، مشيرا إلى أن التعليم عن بعد زمن كورونا (۲۰۲۰ – ۲۰۲۱) لم ينجح لأنه ارتكز على نقل آليات التعليم التقليدي إلى التعليم الرقمي.

واقترح أن يتم تقديم تجربة نموذجية في عدد من المؤسسات التربوية في مختلف المراحل التعليمية لاستخدام التعليم الرقمي عبر الدروس التفاعلية من خلال تقنيات تكنولوجية حديثة ويتمّ في موفى السنة الدراسية تقييم هذه التجربة النموذجية من أجل الخروج بمقترحات وتلافي النقص والعراقيل.

المصدر: العرب