قيادة المرأة: من حلم التغيير إلى واقع السياسة

عندما وصلت أوائل النساء إلى أعلى مستويات السلطة، كان الكثيرون يأملون أن يغير وجودهن السياسة جذريًا. لكن اليوم، وبالنظر إلى تجربة القائدات مثل أنجيلا ميركل في ألمانيا، وجاسيندا أرديرن في نيوزيلندا، ونيكولا ستورجن في اسكتلندا، ندرك أن التحول السياسي لا يمكن أن ينبع فقط من جنس القائد.

لقد كانت هؤلاء النساء، بلا شك، مواهب ساطعة. ميركل بإدارتها لأزمات أوروبا، وأرديرن بقيادتها الإنسانية خلال جائحة كورونا، وستورجن بنضالها من أجل استقلال اسكتلندا، أضفت كل واحدة منهن رؤى فريدة إلى عالم السياسة. لكنهن أيضًا واجهن نفس القيود التي واجهها نظراؤهن من الرجال: الهياكل السياسية الجامدة، الألعاب الحزبية، وواقع الحكم المعقد.

النقطة المهمة هنا هي أن هؤلاء القائدات أظهرن أن النساء لا يحكمن أفضل من الرجال ولا أسوأ منهم. كان لديهن، مثل الرجال، نقاط قوة وضعف. ميركل تألقت في إدارة الأزمة المالية الأوروبية، لكنها واجهت انتقادات عديدة في سياسة الطاقة. أرديرن أدارت ببراعة الاستجابة لهجوم كرايستشيرش الإرهابي، لكنها لم تتمكن من الوفاء بجميع وعودها بشأن قضايا الإسكان.

تعلمنا هذه التجارب أن تقييم القادة يجب أن يستند إلى أدائهم، وكفاءتهم، وإنجازاتهم الملموسة، وليس على أساس جنسهم. إن توقع التغيير من مجرد جنس القائد ليس فقط غير مناسب، بل هو ظلم بحق النساء؛ لأنه يضعهن تحت ضغط توقعات غير واقعية ومستحيلة.

ومع ذلك، لا يمكن إغفال دور هؤلاء الرائدات في تمهيد الطريق للأجيال اللاحقة. لقد سرّع وجودهن من تطبيع مشاركة النساء في مجال السلطة، وأظهر أنماطًا جديدة من القيادة، وأوضح للفتيات الصغيرات أنه لا توجد حدود لطموحاتهن.

نحن اليوم في مرحلة جديدة من النضال من أجل العدالة بين الجنسين. العدالة لا تكمن فقط في الإحصائيات والأرقام، بل في الفرص، التوقعات، ومعايير التقييم. ربما يكون أعظم إرث لهؤلاء القائدات النساء هو أنهن علّمننا أن التوازن الجنسي الحقيقي يتحقق عندما ننظر إلى ما وراء الجنس، ونقيّم كل قائد بناءً على جدارته.

توازن حقوق المرأة والرجل في مجال القيادة لا يكمن في عدد النساء في مناصب السلطة، بل في بناء آليات تسمح لجميع المواهب، بغض النظر عن جنسها، بالنمو والتعبير عن نفسها.

تعریب خاص لـجهان بانو من صحيفة الغارديان