م رنا الحجايا: قانون اللجنة الوطنية لشؤون المرأة الأردنية ۲۰۲۴ بين الإنجازات والثغرات

تحاول الحكومة الاردنية بكل الطرق العمل على دعم انجازات التنمية المحلية بما فيها تطوير واقع المرأة الاردنية ليكون بمستوى المعايير العالمية وتبني احتياجاتها و خاصة ضمن منظومة التحديث السياسي و التي ساهمت في مأسسة دور المرأة السياسي سواء في الاحزاب من خلال الكوتا والعمل على زيادة وجودها في البرلمان .

ان معادلة مشاركة المرأة في الاردن تبدا من حيث تنتهي الارقام حيث يوجد لدينا ما يتجاوز ۵۶% من خريجي الجامعات من الفتيات في حين انهن يشكلن ۱۵% من العماله في الاردن وهذا يطرح تساؤلات عدة حول واقعية القرارات المتعلقه في المراةالاردنيه و مدى ارتباطها في حاجات المجتمع الحقيقيه , لا يمكن ان نتجاهل دور المراة في صناعة مجتمعات متمكنه اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا ولكن ما يحدث لا يزال دون الطموح و دون ما يستحقه الاردن و الاردنيات .

تشكل منظمات المجتمع المدني و الهيئات الحكومية المختلفه المظلة التي تجمع الجهود باتجاه العمل نحو تمكين المراة الاردنية بكل المجالات و من ضمنها اللجنة الوطنية لشؤون المراة و التي تأسست في عام ۱۹۹۲ لتعزيز مشاركة المرأة الاردنيه بقرار رئاسة الوزراء رقم ۲۱/۱۱/۳۳۸۲ برئاسة سمو الاميرة بسمه بنت طلال المعظمه , وتضم ممثلين من هيئات حكوميه و غير حكوميه و من القطاع الخاص. وفي عام ۱۹۹۶ تم اعتماد اللجنه كممثل و مظله للنشاطات المتعلقه في المرأة في الاردن .

ان مهمة اللجنة الرئيسية هي ان تسعى الى تمكين المراة و ان تكون القوانين الاردنية متماشيه مع المعايير الدولية المتعلقه في المراة و تحديدا المساواة في الحقوق و التمثيل. و لطالما شكلت اولويات اللجنه في هذا المجال جدلا كبيرا في السنوات الاخيره نظرا لتأثير تيار واحد للاسف  ساهم في تبني قضايا مهمه و اخرى غير مهمه و بعضها لم يتم دراسة ابعاده الاجتماعيه اساسا و بالتالي تم استبعاد متعمد للعديد من القياديات و السعي نحو تنميط دور اللجنه لخدمة مجالات معينه و هذا ما يفسر حالة التشكيك التي وردت عند طرح قانون اللجنة الوطنية لشؤون المراة عند بعض المحللين و السياسيين و علماء الدين كما ورد في العديد من المقالات التي تم نشرها تطرح المخاوف و تقدم الاقتراحات بهذا الصدد .

هذا القانون يشكل اهميه في مأسسة عمل اللجنه و التي ترتبط مع جهات دوليه و عربيه و اقليميه و لا زالت بدون قانون طوال ۳۰ عاما . ولكن السؤال المهم هل هذا القانون ملائم للجنه و دورها بعد مخرجات التحديث السياسي ؟  وهل نحتاج الى مؤسسة مجتمع مدني ام الى هيئة  ذات طابع حكومي او مؤسسة تحمل كلا الطابعين حيث تعمل مع مؤسسات المجتمع المدني و تكون ضمن الاطار الحكومي .؟ وهل المخاوف المطروحه حول ان تتبنى اللجنه سياسات قد تخالف الشريعه او العادات في المجتمع مستقبلا و ما هي الضمانات و الاليات لذلك ؟

في هذا المقال ساتحدث باستفاضه حول  هذا القانون و بشكل محايد  وان اجيب على بعض هذة التساؤلات ادراكا لاهمية وجود حوار ينقل مستوى اداء اللجنه الى الطموح الذي تتطلع اليه الاردنيات و اهمية ابراز الخطط و الادوار التي ستساهم في تحسين واقع المراة الاردنيه من كل النواحي.

في المقدمه للقانون اي الماده رقم ۳ تشكل اللجنه الوطنيه لشؤون المراة كهيئة مجتمع مدني و ليس كهيئة حكوميه وهذا له اهميه في منحها القدرة على التملك و ابرام العقود و تمثيل نفسها لدى القضاء و المحاكم وليمنحها نوع من الاستقلاليه التشغيليه.

في المادة الرابعة من القانون لدينا جانبين الاول هو ما ينص على (المادة -۴ أ- تهدف اللجنة لتعزيز حقوق المرأة التي كفلها الدستور وتمكينها في جميع المجالات السياسية والاقتصاديه  والاجتماعيه  وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز وتمكينها من المشاركة الفاعلة في تحقيق التنمية الوطنية المستدامة بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقه).

تشكل تركيزا مهما و فريدا على قضايا مناصرة المراة و هذا بحد ذاته يشكل أهميه اساسيه للسعى لتحقيق العداله و المساواه للمراة الاردنيه .

ولكن لا يوجد في هذة الماده اليات تنفيذ ذلك و لا الاجراءات  و لا حتى العقوبات التي يمكن ان تتخذها اللجنه في حال لم يتم التقيد بهذة الماده من قبل المؤسسات الاخرى ! وهذا يعني ان عمل اللجنه سيكون استشاري و شكلي و غير مؤسسي . وهذا بحاجه الى تعديل لمنح اللجنه الصلاحيات الفعليه .

بالاضافه الى ان هذة العباره الفضفاضه بحاجه الى توضيح و خاصه فيما يتعلق بحماية المرأة من جميع اشكال العنف ما هو دور اللجنه في ذلك هل هي مرحعيه لاستقبال الشكاوى للنساء المعنفات كما في حماية الاسره ؟ ام هي شرطه نسائيه تعتقل المعنفين و تحقق معهم ؟

في نفس المادة البند ورد النص التالي  ب-تعتبراللجنة مرجعًا عند وضع السياسات والاستراتيجيات و الاجراءات المتعلقة بشؤون المرأة.وهذا يطرح التساؤلات حول كيف ستمارس اللجنه هذا الدور المرجعي فيما يتعلق بالاجراءات التي تتعلق بالمراة دون تحديد ما (هو المقصود بشؤون المرأة )؟ حيث يوجد العديد من القوانين و التي تتعلق بالاحوال الشخصيه مثلا اوالتعليم او منح الجنسيه او الاجور وهي مرتبطة بوزارات اخرى مثل وزارة التنميه الاجتماعيه و القضاء الشرعي ووزارة العمل و غيرها ؟ بالرغم من ورود كلمة التنسيق و التعاون الا ان هذه المادة بحاجه الى تعديل حيث انه يمكن ان تقوم اللجنه باحكتار القرار المتعلق (بشؤون المرأه ) لان كلمة التنسيق او التعاون مهلهله بما يكفي لخلق فراغ و تداخل صلاحيات . ناهيك عن اقصاء منظمات المجتمع المدني او قيام اللجنه بانتقاء بعضها و تجاهل الاخر .

في نفس المادة البند ۱۰ يشير الى تقديم الدعم الفني للجهات الحكوميه و الجهات الوطنيه لمأسسة ادماج النوع الاجتماعي و تمكين المراة في الخطط و الموازنات .

و البند ۱۲ اجراء البحوث والدراسات المتعلقة بشؤون المرأة.

والبند ۱۳ مشاركة في تمثيل المملكة في الهيئات والمؤتمرات واللقاءات المحلية والعربية والدولية المتعلقة بشؤون المرأة.

اعتقد ان هذة البنود تعني ان اللجنه ستكون ذات حجم اداري و تنفيذي ضخم و ان الدعم الفني و اجراء البحوث و احتكار تمثيل المملكه في المؤتمرات سيضخم من دور اللجنه و التي من الاساس هي فقط معنيه بالسياسات و هناك مؤسسات اخرى وطنيه كفيله ولديها القدرة على القيام بهذة المهام. ان على اللجنه العمل على تكاملية الادوار مع غيرها حيث لدينا مراكز دراسات المراة المتعدده بالاضافه الى مؤسسات الفكر و الدراسات المختلفه . وان تسعى ان لا تكون اللجنه جهازا اداريا متضخما يصبح عبء على موازنة اللجنه .

اما فيما يتعلق بالاستقلاليه الماليه هناك حاجه ماسه لاعادة التأكيد على دور ديوان المحاسبه و الجهات الرقابيه في اعداد تقرير الحسابات كما هو معمول به ضمن الانظمة الاردنيه و التي لم ترد في قانون اللجنه .

سأكتفي هنا بهذا القدر و ساقوم بنشر الجزء الثاني المتعلق باهم مكونات اللجنه و هو اسلوب تشكيلها و موازناتها و الفرق في ان تكون منظمه اهليه ام حكوميه.

المصدر: نساء FM