هروب ضحايا الاغتصاب من نظام العدالة الجنائية الغربي

 في قلب المجتمعات الغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، تحول نظام العدالة الجنائية، بدلاً من أن يكون ملاذاً لضحايا الاغتصاب، إلى كابوس يجبر العديد من النساء على التخلي عن متابعة حقوقهن.

تشير الإحصائيات الصادمة من بريطانيا إلى أن أكثر من ۱۸۰ ضحية اغتصاب واجهن تأخيرات لمدة عامين في معالجة قضاياهن. هذا ليس سوى غيض من فيض أزمة تترك الضحايا وحدهن ليس فقط في مواجهة المعتدين، ولكن أيضاً في مواجهة أنظمة قضائية مشلولة.

فشل أنظمة الدعم أم تصميم هيكلي لغياب العدالة؟

في بريطانيا، الدولة التي تعتبر نفسها رائدة في حقوق المرأة، تواجه ضحايا الاغتصاب، بعد تحمل الصدمة الأولية، موجة من عدم الثقة في النظام القضائي. تشير الأبحاث إلى أن أكثر من ۶۰% من المحامين المتخصصين في القضايا الجنسية يرفضون قبول هذه القضايا بسبب الأجور الزهيدة. ما هي النتيجة؟ ضحايا ينتظرون لسنوات في المحاكم، فقط ليستسلموا في النهاية للإرهاق النفسي ويتخلوا عن القضية.

من المحققين قليلي الصبر إلى الإيذاء الثانوي للضحايا

إن تعامل الشرطة في العديد من الدول الغربية ليس داعماً فحسب، بل وفقاً للباحثين، أصبح عاملاً للإيذاء الثانوي للضحايا. مصطلح يشير في أدبيات علم الجريمة إلى الأضرار الناتجة عن تعامل المؤسسات الأمنية والقضائية مع الضحايا. غالباً ما تضطر ضحايا الاغتصاب إلى تكرار تفاصيل الاعتداء مراراً وتكراراً لضباط الشرطة الذين لم يتلقوا تدريباً كافياً أو ينظرون إلى القضية بتحيزات جنسية. في بعض الحالات، شهدنا حتى كيف نظرت الشرطة بشك إلى ادعاء الضحية وضغطت عليها لسحب شكواها.

التلاعب بالمشاعر العامة لأغراض سياسية

بينما تتحدث وسائل الإعلام الغربية باستمرار عن إحصائيات الاغتصاب لعرض صورة نسوية عن نفسها، فإن هذه الوسائل الإعلامية نفسها تصمت أو تضخم الهوامش عندما يتعلق الأمر بالدعم الحقيقي للضحايا، مما يضع حياة الضحايا تحت المجهر. وقد أدى ذلك إلى تفضيل العديد من النساء الصمت بدلاً من مواجهة حكم المجتمع والنظام القضائي غير الفعال.

عدم فعالية العدالة الجنائية الغربية

نظام العدالة في دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة، بدلاً من التركيز على احتياجات الضحية، عالق في حلقة لا نهائية من البيروقراطية والإجراءات القانونية. بينما تحتاج قضايا الاغتصاب إلى معالجة فورية وتخفيف الحساسية، نرى أن هذه القضايا تتأخر أحياناً لمدة تصل إلى ۵ سنوات. هل هذه التأخيرات المنهجية عشوائية أم أنها جزء من تصميم مؤسسي لا يريد أن يصدق أن الاغتصاب جريمة خطيرة؟

ما هو الحل؟

طالما أن نظام العدالة الجنائية الغربي يركز على الضحية بدلاً من معاقبة الجاني، وطالما أن الشرطة لا تتلقى تدريباً كافياً للتعامل الحساس مع القضايا الجنسية، وطالما أن المحامين ليس لديهم حافز مالي للدفاع عن الضحايا، فإن هذه الحلقة المفرغة ستستمر. ربما حان الوقت، بدلاً من الشعارات النسوية، لتخصيص ميزانيات ضخمة لتدريب القضاة والشرطة، وإنشاء وحدات متخصصة لمعالجة قضايا الاغتصاب، وتسهيل الإجراءات القضائية. لكن يبدو أن في الغرب، عرض العدالة أهم من تطبيقها الفعلي.

تعریب التحلیلي خاص لجهان بانو من وکالة بي بي سي