اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
التحذير جاء في وقت تشهد فيه تربية الأبناء تحولا جذريا على مدى العقود الماضية، حيث ازدادت متطلبات الأبوة والأمومة بشكل كبير، حتى أصبحت تربية الأطفال أكثر استهلاكا للوقت والجهد والمال، وتحول كثير من الآباء إلى “آباء مكثفين”، مما يضرّ بالأسرة بأكملها.
يُنسب مصطلح “التربية المكثفة” إلى أستاذة علم الاجتماع الأميركية، شارون هايز، التي تناولت موضوع “الأمومة المكثفة” في كتابها الصادر عام ۱۹۹۶ بعنوان “التناقضات الثقافية للأمومة”، ووصفتها بأنها “تتمحور حول الطفل، وتتم تحت إشراف الخبراء، وتستغرق وقتا طويلا، وتتطلب جهدا مكثفا ومكلفا ماليا”.
وأشارت كلير كاين، في مقالها “قسوة التربية الحديثة” الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، إلى أن التربية المكثفة تعتمد على الانخراط الكامل في حياة أطفالنا ومراقبتهم والاهتمام بتعليمهم عن كثب طوال سنوات نموهم وجدولة كل دقيقة من يومهم، مثل تسجيلهم في دروس الموسيقى أو الرياضة وغيرها في سن مبكرة، لضمان حصولهم على كل فرص النجاح وصعودهم إلى طبقة أعلى، أو على الأقل عدم سقوطهم من الطبقة التي وُلدوا فيها.
ووفق “نيويورك تايمز”، تبدأ التربية المكثفة منذ تكوين الطفل في رحم أمه عندما يُطلب من الأمهات تجنب اللحوم الباردة والقهوة، خشية أن يؤذين أطفالهن، ثم إمكانية مراقبة الطفل وهو رضيع عبر جهاز مراقبة الأطفال وغيرها من الممارسات المكثفة.
يكرس الآباء المكثفون أنفسهم بالكامل لأطفالهم وينظمون جداولهم وفقا لاحتياجات أطفالهم، وهذه بعض العوامل المشتركة:
هناك عدة عوامل قد تدفع مقدمي الرعاية نحو التربية المكثفة، ومنها:
وجد استطلاع أجرته منظمة “ليتل سليبييز” عام ۲۰۲۴ أن حوالي ۷۳% من الأمهات يقارنّ أنفسهن بما تفعله الأمهات الأخريات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأفادت ۷۷% منهن بأنهن يشعرن بـ”ذنب الأمومة” بسبب مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشارت الاختصاصية النفسية، لورين كانونيكو، لموقع “بيرانتس”، إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرا في الضغط على الأمهات، بداية من عرض الوجبات المعبأة بشكل مثالي إلى الأنشطة التي يُزعم أنها معتمدة من مونتيسوري، والتي تتطلب ساعات من التحضير، وتقديمها كأنشطة يومية عادية، وأضافت “لقد جعلنا الأمهات يشعرن بأن الأساس يجب أن يكون غير عادي، دون مجال للانحراف أو التقصير”.
وفق ما نقله موقع “بيرانتس”، تعتقد الاختصاصية النفسية، الدكتورة آن ويلش أن التوقعات المنتظرة من الأمهات قد ارتفعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأضافت “هناك توقع بأننا منظمات عاطفيا، ومتاحات بلا حدود، ودائمو الحضور، وقد تكون هذه أهدافا محمودة، لكنها ليست واقعية وقد تجبر الأمهات على التربية المكثفة كنهج تربوي لتلبية ضغوط الكمال”.
يعتمد أسلوب التربية في بعض الأحيان على شخصية أحد الوالدين، ووفق الدكتورة ويلش، فإن أنماط شخصية معينة مثل المتفوقين والكماليين يميلون إلى التربية المكثفة.
على الرغم من أهمية المشاركة في حياة أطفالنا ورعاية احتياجاتهم التنموية ونجاحهم المستقبلي، فإن القيام بكل ذلك بكثافة مفرطة قد يكون له تأثير سلبي على كل من الوالدين والأطفال، وخاصة فيما يتعلق بالصحة النفسية.
وفي هذا الصدد، تقول الاختصاصية النفسية، ليلى روبين، لموقع “ذا بامب” إن الخطر الرئيسي يتمثل في الإرهاق الأبوي، والذي قد يؤدي إلى مشاكل صحية نفسية وجسدية، وأشارت روبين إلى أن الأطفال الذين يحظون بآباء مُكثّفين قد يعانون من مشاعر الضغط وتدني احترام الذات وعدم الكفاءة والقلق إذا كانت توقعات آبائهم مُبالغا فيها، وبالإضافة إلى ذلك، قد يواجهون صعوبة في بناء مهارات الاستقلالية وحل المشكلات.
يوصي الخبراء ببعض الخطوات لتخفيف حدة هذا النهج المكثف وتحسين الصحة النفسية لأفراد العائلة، ومنها:
المصدر: الجزيرة