اسم المستخدم أو البريد الإلكتروني
كلمة المرور
تذكرني
بدورها، دعمت الحكومة هذه الوظائف خاصةً للأمهات اللواتي لديهن أطفال دون سن المراهقة. وتوفر وظائف الأمهات ساعات عمل مرنة وأسلوب إدارة أكثر استقلالية، مما يسمح للنساء بالموازنة بين طموحاتهن المهنية وواجباتهن الأسرية.مع ذلك، أثار هذا التوجه جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وبينما أعرب العديد من مستخدمي الإنترنت عن دعمهم لوظائف الأمهات، أعرب آخرون عن مخاوفهم بشأن الزيادات المحتملة في تكاليف العمالة في الشركات وخطر تعميق التمييز ضد المرأة في مكان العمل.وكان أول ظهور لمصطلح وظائف الأمهات في عام ۲۰۲۲، ضمن المبادئ التوجيهية الحكومية لتنفيذ تدابير دعم الإنجاب النشط، وهو توجيه وطني أصدرته اللجنة الوطنية للصحة و۱۶ جهة حكومية أخرى. وتُشجّع هذه السياسة أصحاب العمل على التكيّف مع الاحتياجات التشغيلية من خلال التفاوض مع الموظفين لتطبيق نماذج عمل مرنة. وتشمل وظائف الأمهات عدة قطاعات من بينها: التعليم، والأشغال اليدوية، والتدبير المنزلي، بالإضافة إلى العمل المكتبي، وهي وظائف مخففة بدوام جزئي، مع إمكانية العمل في أوقات مسائية تتناسب مع الالتزامات الأسرية. ويبلغ متوسط الأجور الشهرية لهذه المهن ۵۰۰۰ يوان صيني، أي ما يعادل حوالي ۶۸۰ دولاراً أميركياً.يوان تيان، مربية منزل تقيم في العاصمة بكين، كانت تعمل في شركة تصدير خاصة، وبعد ولادة طفلها الأول قبل نحو عامين، حصلت على إجازة أمومة لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد، وبعد انقضاء الإجازة، تقدّمت بطلب لتحويل عملها إلى المنزل (متابعة مهامها اليومية عبر جهاز الحاسوب) ليتسنّى لها رعاية طفلها بصورة أمثل. تقول في حديث لـ “العربي الجديد”، بعد انتهاء تجربة العمل المنزلي التي استمرت ستة أشهر، قررت أن أبحث عن وظيفة أخرى تتيح لي مواصلة العمل من المنزل، أو العمل بدوام جزئي يناسب وضعي أمّاً وزوجة. وتضيف: “بالفعل حصلت على وظيفة في مجال التدريس، بدوام مسائي، يبدأ من الساعة السادسة مساء ويستمر حتى التاسعة (ثلاث ساعات) في مدرسة لمحو الأمية، وكان عملي مريحاً، لأنه يبدأ بعد عودة زوجي إلى المنزل، فيقوم هو بمهام الرعاية، في حين أذهب إلى العمل من دون أدنى قلق بشأن طفلي”.
وتتابع: “بعد ذلك عثرت على وظيفة أخرى، لها صلة بعملي الأول، وهي متابعة التواصل مع العملاء عبر الحاسوب من دون الحاجة إلى الذهاب للشركة”. وأضافت أن التنقل بين عمل وآخر في إطار ما يعرف بوظائف الأمهات، أتاح لها المجال لتحقيق أهدافها خلال المرحلة الراهنة، وأكسبها مسيرة مهنية متنوعة، وباتت تفكر الآن جادّةً في إنجاب طفل ثانٍ، لأنه لم يعد لديها أي هواجس بشأن الموازنة بين العمل والرعاية الأسرية.في تعليقه على التدابير الحكومية الجديدة، أشاد أستاذ الدراسات الاجتماعية في جامعة شينزن، لي شانغ، في حديث مع “الجديد العربي” بتنفيذ وظائف الأمهات باعتبارها خطوة إيجابية نحو تمكين المرأة العاملة. لكنه أشار إلى أنه بالرغم من أن الهدف الأصلي كان تخفيف الأعباء المنزلية على النساء وإتاحة الفرصة أمامهن لتقديم رعاية أفضل لأبنائهن، لكن هذه المناصب تخاطر بحصرهن في أدوار مزدوجة بوصفهن عاملات ومقدمات رعاية.وأضاف: “قد تكون وظائف الأمومة خياراً، لكن لا ينبغي أن تكون إلزامية لجميع الشركات. وإلا، فقد تصبح هذه الوظائف رمزيةً أو شكليةً، مما يؤدي إلى التمييز ضد من يشغلونها”. ولفت إلى أن العديد من هذه الوظائف تقتصر إلى حد كبير على العمل اليدوي والمبيعات والتنظيف والعمل المكتبي، مع فرص ضئيلة في المجالات التقنية أو الإدارية، في حين أن العديد منها لا تقدم فرص عمل ثابتة قائمة على عقود محددة وواضحة، وتكون الأجرة على مقدار ساعات العمل، مما يسبّب انخفاض الأمن الوظيفي عند العاملات.
وكانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، قد أعلنت في يوليو/ تموز العام الماضي، إطلاق ما أسمته “استراتيجية التنمية السكانية لمعالجة انخفاض معدل المواليد” التي ستعمل لتحسين نظام السياسات وآليات الحوافز من أجل تعزيز معدل المواليد والسعي إلى بناء مجتمع صديق للولادة، وذلك استجابة لانخفاض معدل المواليد الجدد إلى نسب قياسية. وشمل ذلك خفض تكاليف الولادة وتربية الأطفال والتعليم، وتحسين سياسات إجازة الوالدين، وإدخال نظام إعانات الولادة، وتحسين الخدمات العامة الأساسية للولادة والرعاية الطبية للأطفال.وشهد عام ۲۰۲۳ انخفاض عدد سكان الصين نحو مليوني نسمة. وجرى تسجيل ۹ ملايين ولادة و۱۱٫۱ مليون وفاة. واستمرت معدلات المواليد في انخفاض حاد بعد عام ۲۰۱۶، وفي عام ۲۰۲۱ انخفضت معدلات المواليد في الصين إلى ۷٫۵ مواليد لكل ألف شخص، وهو أدنى رقم منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام ۱۹۴۹٫ ويشير المركز الصيني للإحصاء إلى أن إجمالي معدل الخصوبة انخفض من ۱٫۵ ولادة لكل امرأة في نهاية تسعينيات القرن العشرين إلى ۱٫۱۵ ولادة عام ۲۰۲۱، وهو يقترب الآن من ولادة واحدة، وهذا أقل كثيراً من المستوى الطبيعي البالغ ۲٫۱ ولادة الذي يحافظ على مستويات السكان الحالية.
المصدر: العربي الجدید